إن لكل إسم من أسماء الله الحسنى أسرار عجيبة ومعارف غريبة ولكن إسم الله أغرب وأعجب وقد ورد أن لذاكره حالات أولها حالة الوله والفناء فيمحى ظاهره ويمحق باطنه فيكون في ظاهره كالمجنون وذاك لإستحالة إتصاف المخلوق بصفة الألوهية في باطنه كالميت الفاني لسكون ذاته وصفاته ومألوفاته وعاداته .
اما الحالة الثانية فهي حالة الحياة والبقاء فإذا تحقق الذاكر من الإسم وثبت عليه وألفه إمتحت عنه مذمومات الصفات ونفخ فيه من الحياة ما يزيل الموت والفناء من باطنه والوله عن ظاهره فتتغير هيئته ويصبح مطاعا متصرفا.
أما حالة النعيم والرضى فهذه الحالة مردها لعظم الله عند ذاكره فيشفق على الخلق وتنبسط نفسه فلا يبقى لشيء أو مخلوق عليه سبيل أو سلطان فيعيش عيشة راضية حيث ما حل نفع يقول للشيء كن فيكون.
وحكي عن أبي الحسن الثوري رحمه الله أنه بقي في بيته سبعة أيام لم يأكل ولم ينم إلا قليلا وهو يقول الله الله الله . فأخبر أبوالقاسم الجنيد بحاله فقال :أمحفوظ عليه أوقاته؟ قيل له إنه يصلي الصلاة لوقتها فقال : الحمد لله الذي حفظه ولم يجعل للشيطان عليه سبيلا. ثم قال لأصحابه : قوموا بنا حتى نزوره فإما نفيد أو نستفيد منه.
قيل :فلما دخل عليه الجنيد قال : يا أبا الحسن هو قولك الله الله الله بالله أم بنفسك فإن كنت القائل بالله فلست القائل له فإنه المتكلم على لسان عبده , الذاكر لنفسه بنفسه, وإن كنت القائل بنفسك فأنت مع نفسك فما معنى الوله.
قال الثوري : نعم المؤدب أنت يا أستاذ . فسكن ولهه.
وهذه مراتب ومقامات لا يدركها إلا من أخرجه الله من الغفلة والنسيان ومن شاهد الحق هانت عنده الدنيا